مبادرة تداول الأرشيف

جمعية جوسلين صعب – موجة فيلم – مشروع الأرشيف الرقمي للسينما الجزائرية

بعد النجاح الذي حققته ورش التدريب الأولى التي أُقيمت في بيروت عامي 2021 و2024، انضمت جمعية جوسلين صعب إلى “مبادرة تداول الأرشيف”، بالشراكة مع شركة الإنتاج التونسية موجة فيلمز ومشروع الأرشيف الرقمي للسينما الجزائرية، بهدف مواصلة تدريب المتخصصين في المجال السينمائي على الترميم الرقمي للأفلام. ومن المخطط أن يُقام أول مشروع مشترك بينهم في تونس عام 2025.

ورشة ترميم الأفلام

منذ عام 2019، تعمل جمعية جوسلين صعب على مشروع تعاوني يهدف إلى حفظ وتداول التراث السينمائي العربي. وبصفتها المالكة لحقوق أفلام جوسلين صعب، تبنّت الجمعية نموذجًا حرصت على ترسيخه منذ انطلاق مشروع الترميم، يقوم على تدريب تقنيين محليين لترميم المواد المصورة التي تنتمي إلى هذا التراث، والتي صُوّرت خلال الحرب الأهلية اللبنانية، سواء في لبنان أو في دول أخرى في المنطقة مثل مصر، الصحراء الغربية، وإيران، مع تجاوز القيود التي تفرضها أنظمة التمويل المؤسسي الخاصة بترميم الأفلام.
نُظّمت ورش العمل التدريبية بالتعاون مع الاتحاد الدولي لأرشيفات الأفلام (FIAF)، والسينماتيك السويسري، والمعهد الوطني الفرنسي للسمعي البصري (INA)، وبدعم من شركاء في مرسيليا وبيروت، ووفّرت الفرصة لعشرة مشاركين للعمل على ترميم أفلام جوسلين صعب. وقد مكّنهم ذلك اليوم من توسيع مهاراتهم وتقديم خدماتهم لأرشيفات أخرى في المنطقة.
اقتنت الجمعية البرنامج التقني اللازم لترميم الأفلام لضمان استمرارية هذا النشاط، وتسعى إلى إتاحته لمبادرات حفظ وترميم أخرى.
وتركّز الجمعية حاليًا على مواصلة نقل هذه المهارات وتنظيم ورش تدريبية إضافية في بلدان عربية مختلفة.
ولتنفيذ هذه الخطوة، دخلت الجمعية في شراكة مع شركة الإنتاج التونسية موجة فيلمز، ومشروع الأرشيف الرقمي للسينما الجزائرية، لتأسيس مبادرة تداول الأرشيف، وهي مبادرة تهدف إلى دعم مشاريع تدريبية وبرمجية مرتبطة بترميم الأفلام.
من خلال دعم ترميم تراث سينمائي مهمّش، تسهم الجمعية في خلق الظروف التي تسمح بإعادة تداوله.
وستُعرض نتائج هذه الورش، إلى جانب ما تحقق في ورش بيروت السابقة، بالإضافة إلى الأفلام التي عمل على ترميمها التقنيون المرتبطون بالجمعية على مدار العام، ضمن برامج سينمائية مخصصة.

المشروع

الهدف الرئيسي من هذا المشروع هو تدريب متخصصين في مجال حفظ وترميم الأفلام، من أجل دعم المبادرات المختلفة في المنطقة التي تعمل على حماية التراث السينمائي المهمّش أو المنسي الذي أُنتج في البلدان العربية الـ22.
يتطلّب العمل في الترميم الرقمي الوصول إلى أرشيفات الأفلام، وهو ما يستوجب بدوره البحث والتوثيق وجمع المواد. ويهدف المشروع إلى إتاحة الفرصة لمؤسسات الأرشيف السينمائي في المنطقة للمشاركة في رقمنة مقتنياتها وترميم الأفلام التي تراها ذات أهمية، والمساهمة أيضًا في برمجتها ضمن فعاليات سينمائية تُقام حول العالم.
يشكّل هذا المشروع امتدادًا وتكاملًا مع عدد كبير من المبادرات التي يجري تنفيذها حاليًا في معظم الدول العربية، والتي تهدف إلى تطوير آليات عملية لحفظ الأفلام وصيانتها وإعادة تداولها، باعتبارها جزءًا من ذاكرة السينما العربية وتاريخها.
وفي هذا السياق، يُعد الاستثمار في تدريب كوادر جديدة في مجال الترميم الرقمي خطوة منطقية واستراتيجية، خاصة في البلدان التي تمتلك بنية قوية في مجال ما بعد الإنتاج.
يعتمد المشروع على منهجية مرنة ومستقلة عن الأطر المؤسسية التقليدية، ما يجعله متاحًا وقابلًا للتطبيق من قبل فاعلين مستقلين. كما يتجاوز النماذج المعملية الكلاسيكية في الترميم، التي غالبًا ما تكون مكلفة وتفتقر إلى الطابع التعاوني، والتي لا تزال تشكّل عائقًا حقيقيًا أمام استعادة الصور المهمّشة من تاريخ المنطقة.
ومن خلال تمكين تقنيين لبنانيين، اكتسبوا مؤخرًا خبرة احترافية في مجال الترميم الرقمي، من مشاركة معارفهم مع تقنيين من بلدان عربية أخرى، تساهم الورشة في خلق مساحة للحوار المشترك حول التراث السينمائي في المنطقة وعلاقتها بالصورة.
خلال السنوات الماضية، أبدت السينما العربية المعاصرة اهتمامًا ملحوظًا بصور الأرشيف، لما تحمله من قدرة على تأمل الواقع وفهمه. وترميم هذه الصور لا يقتصر على حفظها، بل يفتح أيضًا المجال أمام إمكانيات إبداعية جديدة.

الفئة المستهدفة

تستهدف الورشة العاملين في قطاع السينما وطلاب السينما من جميع الدول العربية.
ويُقدَّم التدريب بالفرنسية أو الإنجليزية أو العربية، بحسب لغة المشاركين. ويعتمد التدريب على نهج شامل ومفتوح لمختلف الخلفيات والتجارب، بهدف تأهيل المزيد من التقنيين المتخصصين في ترميم الأفلام، بالتعاون مع أرشيفات مستقلة في المنطقة، ومع مخرجات ومخرجين يطمحون إلى الحفاظ على أعمالهم.

 

تُقدَّم الورشة من قِبل متخصصين في أرشيفات السينما والصوت، يمتلكون خبرة تقنية في مجال الترميم الرقمي. وتشمل محاور التدريب ثلاث مجالات أساسية: تصحيح ألوان الأفلام الأرشيفية، ترميم الصورة الرقمية، وترميم الصوت الرقمي.
يعمل فيها المشاركون على أنواع مختلفة من المواد الفيلمية، منها النيجاتيف، النسخة الموجبة، الريفرسال، وأفلام 16 مم و35 مم، إضافة إلى صيغ الصوت البصري والمغناطيسي.

 

تُقام الورشة على مدى سبعة أيام.
يُخصَّص اليوم الأول لتقديم نظرة عامة على أنواع المواد الفيلمية، إلى جانب مناقشة القضايا العملية والأخلاقية المرتبطة بترميم الأفلام

وتُخصَّص الأيام التالية لتدريبات عملية باستخدام برامج متخصصة، وذلك حسب المجال الذي يختاره كل مشارك: تصحيح الألوان أو ترميم الصورة أو ترميم الصوت، وذلك عبر ثلاثة برامج مختلفة:
DaVinci Resolve لتصحيح الألوان،
Diamant HS-ART لترميم الصورة،
iZotope RX 10 لترميم الصوت.

وفي ختام الورشة، يتم تقييم الأعمال المنجزة ومنح المشاركين شهادات معتمدة.

 

التداول

إلى جانب التدريب والعمل على حفظ الأفلام التي تفتقر إلى الدعم وتواجه خطر الإهمال، تسعى هذه المبادرة إلى منح تلك الأعمال حياة جديدة من خلال عرضها مجددًا أمام الجمهور، سواء في المنطقة أو على مستوى دولي.
تقوم الفكرة على تقديم الأفلام المُرمّمة في مهرجانات سينمائية داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي مهرجانات دولية، ضمن أقسام موازية أو عروض استعادية، وذلك بحسب نوع المواد التي تم ترميمها.
كما تهدف المبادرة إلى إصدار هذه الأفلام في مجموعات أقراص DVD وطرحها للتوزيع، من أجل تقديم عائد مالي لأصحاب الحقوق، وضمان استمرار عرض هذه الأعمال وتداولها من جديد.

من نحن؟

مبادرة تداول الأرشيف هي إطار تعاوني يجمع ثلاث مؤسسات تعمل في الاتجاه ذاته، وهي:
جمعية جوسلين صعب، التي تضطلع منذ عام 2019 بتطوير كفاءات جديدة في مجالي حفظ وترميم الأفلام في لبنان. وقد أسفرت جهودها عن ترميم 15 فيلمًا وثائقيًا من أعمال جوسلين صعب، أُنجزت على يد فريق يتكوّن في معظمه من تقنيين لبنانيين، وأُعيد إصدار هذه الأعمال في مجموعة أقراص DVD عام 2024.
مشروع الأرشيف الرقمي للسينما الجزائرية، وهو مبادرة متخصصة في جمع وإتاحة الأرشيفات المتعلقة بتاريخ السينما الجزائرية، ويواصل عمله منذ أكثر من عقد.
شركة موجة فيلمز، وهي شركة إنتاج مستقلة تأسست في تونس، وتهدف إلى إنشاء شبكات بديلة للإنتاج والتوزيع داخل العالم العربي والقارة الأفريقية.
يمثل هذا التعاون اتحادًا بين أعضاء فعّالين في المؤسسات الثلاث الشريكة.
شركة موجة فيلمز أُسست في تونس على يد ضياء الجربي، الذي تلقّى تكوينه الأكاديمي في مدرسة لوساس للسينما الوثائقية في فرنسا. أخرج أول أفلامه القصيرة الذي حاز جوائز في مهرجانات دولية، وأصدر في عام 2024 أول أفلامه الوثائقية الطويلة بعنوان “خلف الشمس”. وفي عام 2022، شارك في تأسيس موجة فيلمز مع مانون لافو، وتوسعت أنشطة الشركة لاحقًا إلى مرسيليا، بهدف تعزيز علاقات إنتاج مستدامة تقوم على تبادل متكافئ.
مشروع الأرشيف الرقمي للسينما الجزائرية يقوده نبيل جدوّاني، صانع أفلام وأرشيفي يعمل بين فرنسا والجزائر، وهو حاصل على شهادة في ترميم الأفلام من المعهد الوطني الفرنسي للسمعي البصري (INA). نفّذ عددًا من المشاريع الكبرى لجمع ورقمنة الأرشيف السينمائي في الجزائر، ويشارك بنشاط في تداول وعرض أفلام من تاريخ السينما الجزائرية. كما يشغل منصب المدير الفني لملتقى بجاية السينمائي.
جمعية جوسلين صعب تُدار من قبل ماتيلد روكسيل، الحاصلة على درجة الدكتوراه في تاريخ السينما في البلدان العربية، والتي أُوكلت إليها إدارة العمل الفني لجوسلين صعب منذ وفاتها عام 2019. تُدرّس مادة “أخلاقيات وممارسات الترميم السينمائي” في جامعة ليل 3 بفرنسا، وتشغل منصب المديرة الفنية لكل من مهرجان Aflam في مرسيليا ومهرجان الفيلم الفرنكوعربي في Noisy-le-Sec بضواحي باريس. وقد أشرفت، في إطار عملها داخل الجمعية، على تنظيم برامج تدريبية متعددة في مجالي حفظ وترميم الأفلام، موجّهة لتقنيين من عدة دول عربية، وبالشراكة مع مؤسسات لبنانية ومراكز أرشيف دولية مثل اللجنة التقنية للاتحاد الدولي لأرشيفات الأفلام (FIAF) والسينماتيك السويسري.